00962 6 123456 جميع الأيام

بقلم الدكتوره ماجده المخاتره

عندما كنت بالسابعه من عمري كان يسعدني ان أتوجه مع امي لسوق مدينة الكرك يوم كانت القلب التجاري للقرى قاطبه …..وكان اثنين من اخوالي يسكنون بها
وكانت كل الدوائر الحكوميه داخل المحافظة …..
وكانت سوقا كبيرا يأتيه كل أبناء القرى المجاوره لقضاء حوائجهم
كانت بيوت مشايخ الكرك الاحرار معروفه للجميع وكل شارع يسمى باسم الشيخ الذى يسكن فيه
فكان السائر بالمدينه يسير متنقلا بين الامجاد من شارع لآخر
واكاد أجزم ان بيوت أولئك الشيوخ كانت تقام فيها موائدالافطار والغداء والعشاء للضيوف وأصحاب الحاجات …فلا تخلو ساعه من الزائرين
وقد كان وقتها منزل خالي ابو جمال (ارشيد عطاالله المواجده )احد هذه البيوت ….
كانت بيوت مدينة الكرك من حجر معان النظيف وسط حدائق غناء …..تقابلها النوافير….يحيط بها الورد الجورى بالوانه الزاهيه وعبيره الفواح …..ولا يضاهي جمال بيوتها الا ما أراه في المسلسلات السوريه في حارات دمشق القديمه
الكرك حاضره …كانت ولا زالت …….
الكرك مدينة حيه وحياتها جميله …..تعج بالحركه…… ورائحة العراقة تملأ رئتيتك وانت تسير بشوارعها وتشعر ان الاصاله عقالا يطوق رأسك تسير رجليك على الأرض وراسك يطاول قلعتها …
وكلما دخلتها صباحا تشتم رائحة القهوة تملأ حاراتها ….معلنة انها ترحب بالضيوف وبكل من يطرق ابواب بيوتها….
كنت احيانا أزور مع امي والدة الدكتور يحي خريس رحمها الله ……بيتها ينطق حياة بعبيره الفواح واناقة ونظافة كل ما فيه يملأه جمال الأحاديث التي كانت تدور فيه بين الرائدات من سيدات الكرك
كان بالكرك حارات للعائلات الشامية التى سكنت المدينه قديما يوم وجدت بالكرك ما يحاكي عراقة دمشق
وكان هناك حارات لأعرق العائلات التى قدمت من الخليل وغيرها من مدن فلسطين يوم وجدوا فيها حياة تجاريه تتيح لهم ممارسة اعمالهم
وكان هنالك بيوت العز والكرم للمشايخ من مختلف العائلات ممن اعتادوا خدمة الناس وقضاء حوائجهم غير ابهين لعائلاتهم وعشائرهم ودون ان تجمعهم قرابة او علاقه ….ممن يفتحون بيوتهم وقلوبهم ويسيروا بقضاء الحوائج
الكرك مدينه أقيمت بشموخ تحت جبل قلعتها ….لتحكي حكاية حضارات مرت …تركت كل منها ذخرا وعزا توارثته اجيالها
الكرك ليست مجرد مدينه …الكرك قصة عشق لمن سكنها
وقصة عشق لمن سار بشوارعها …..وحياة لمن تناول فيها شربة ماء….
بالكرك لا تحتاج دليلا فكل ما فيها ينطق ليخبرك بما حوته من حكايا وقصص …ورجلاك تحملك من عز إلى عز
لكل بيت حكاية ولكل محل تاريخ
ولكل شارع اختصاص
تدخلها مبتدئا بحديقة غناء تقابلها مدرسة الكرك الثانوية للبنات التى كانت مديرتها الاستاذه زكية الشمايله رحمها الله …السيده الاعجوبه بشخصيتها التربويه الفذه …
ثم.شارع المستشفى الإيطالي….. الذى أقيم فيه مشفا من اقدم مستشفيات الاردن …
يتبعه شارع مديرية التربيه والتعليم ومديرها الفذ داوود المجالي العبقرية التربوية رحمه الله ….ومتفرعا من هذا الشارع …شارع القلعه …حيث تاريخ الكرك ….وحكايه تروى بسالة أبنائها
فإن نزلت من هذا الشارع اتجهت إلى الشارع الرئيسى متفرعا منه شارع غرفة تجارة الكرك ورئيسها المرحوم الحاج جميل القرالة بيت الكرك وقصة العطاء ورمز الرجوله ….مستقطب ضيوف الكرك….. وعبقرية المحافظة التجاريه . ..فإن واصلت المسير وصلت للمحلات التجاريه القديمه بعبقها ورائحة خشبها المعتق
ثم نحو الحسبه حيث يأتى أبناء الاغوار والقرى المجاورة لتسويق منتجاتهم الزراعيه …متقاطعا مع شارع المعارض حيث تجد اقدم المحلات التجاريه لبيع الملابس القطنيه وغيرها و المستورده من سوريا وغيرها …..
ومحلات اصحاب الصنعه من أبناء الكرك الابيه …فإن سرت عائدا منه وجدت ….سوق الذهب حيث كان ابناء الكرك وتجارها ينقشون القطع الفريده والنادره بايديهم يجاورهم محلات الحلواني الشامي صانع ملبس اللوز والحلقوم الذى قلما يتجاوزه ابناء الكرك ….ثم تتجه الى اقدم مساجد الكرك واكبرها ( المسجد العمري )-روح الكرك النابض وجامع رجالة الاتقياء …الانقياء….فمحلات الحلويات التى كانت تصنع بالسمن البلدي وتملأ الأسواق برائحتها الزكيه …فإن تناولت الحلوى ….ومشيت خطوات تجد عراقة المحافظة وقصتها واسطورتها ….بالتاريخ المعاصر …….(مدرسة الكرك الثانويه للبنين )….اقدم مدارس الاردن بالتزامن مع مدرسة مدينة اربد …يوم عز التعليم وقل تواجده…وكانت مدرسة اربد الرشدية ومدرسة الكرك الرشدية اقدم مدرستين بنيتا بالاردن في عام ١٨٩٩ م …..المدرسة التى تخرج منها والدي رحمه الله ودرس فيها بعد ذلك ….المدرسة التى خرجت معظم رجالات الكرك من الجيل الماضي ….المدرسة التى تخرج منها احد رجالات الاردن ممن ياسرك بعذب وجمال حديثه( الدكتور خالد الكركي أطال الله بقاءه ومده بالصحه والعافيه )….
لم تكن الكرك يوما مدينة بائسة او محافظة معدمة …….الكرك مدينه تعج بالحياة والشعر والادب والسياسة والعلم ….
الكرك مدينة القلعه ….مدينة البيوت الغناء الزاهية التى خرجت العديد العديد من أبناء الاردن ورجالاته في القرن الماضي….الكرك مدينة المشير وقلعته ….
الكرك كرك لا يعرفها إلا من داس ترابها ووقف بقلعتها ولبس عبائتها من الرجال وارتدت عبها من النساء
الكرك ليست مجرد محافظة…. الكرك قصة عشق لكل أبنائها….
الكرك كما هي الاردن بكل محافظاتها نبض الفؤاد ودم الوريد وعرق الحياة …وابو حسين تاج يتوجنا ويجمعنا نحيط بعبائته
دمتم ودام الاردن عزيزا شامخا ودام عز مليكه
يسعد مساء الغانمين

Leave a Reply